top of page
Search
Writer's pictureMajdi Haji Ibrahim

ظاهرة تعددية ترجمات النص الأدبي الواحد في العالم العربي: قراءة في ترجمات رواية "الشيخ والبحر"



الدكتور مجدي حاج إبراهيم






الأستاذ الدكتور مجدي حاج إبراهيم


رئيس مركز الإيسيسكو للغة العربية للناطقين بغيرها







قراءة في ترجمات رواية "الشيخ والبحر"

 
 

 

خطة



 

مقدمة


أصبحت قضية تعددية ترجمة النص الأدبي الواحد إلى اللغة العربية ظاهرة لافتة للانتباه، وتتلخص هذه الظاهرة في وجود عدد من الترجمات لنص أدبي واحد تظهر من وقت لآخر. وينظر بعض الباحثين إلى ظاهرة تعددية ترجمة النص الواحد بعين الرضا والقبول إذا كانت ثمة أسباب تبررها، مثل تجديد ترجمة قديمة أو تصحيح ترجمة ضعيفة، كما يمكن أن نرفع اللوم عن المترجم إذا لم يكن على علم بقيام غيره بترجمة العمل الذي قام بترجمته. لكن هذه الظاهرة تصبح غريبة ومثيرة للجدل إذا علمنا بأن رواية (الشيخ والبحر) (The Old Man and the Sea) للروائي الأمريكي إرنست همنجواي (Ernest Hemingway) التي كتبها عام 1951م، ونال على إثرها جائزة نوبل في الآداب عام 1954م، قد ترجمت إلى العربية أكثر من عشرين مرة. وقد دفعني إلى كتابة هذا المقال لقاء جمعني بالدكتور علي القاسمي الذي أهداني بعض إصدارته الأخيرة، والتي كان من بينها ترجمة شخصية لرواية (الشيخ والبحر). لقد استوقفني هذا العمل بالتحديد، وجعلني أتساءل عن مدى جدوى إعادة ترجمة الأعمال الأدبية المترجمة، خاصة بعد أن أكد لي المترجم شخصيا علمه بأن الرواية قد سبقته إليه أيادي مترجمين مشهورين كبار.


من هذا المنطلق، تأتي هذه الدراسة للبحث في أبعاد ظاهرة تعددية ترجمة النص الأدبي الواحد خاصة في العالم العربي الذي يعاني من ضعف النتاج المعرفي الترجمي، كما تسعى الدراسة أيضا إلى دراسة الأسباب التي أدت إلى وجود هذه الظاهرة، وتقديم بعض المقترحات والحلول لتقنينها حتى لا تتحول إلى ترف أدبي وإهدار للوقت والجهد.

 

موقف النقاد من إعادة ترجمة الأعمال الأدبية المترجمة


انقسم النقاد والمترجمون تجاه ظاهرة تعددية ترجمة النص الواحد إلى فريقين، مؤيد ومعارض. فالمؤيدون يرون أن مترجم النص الأدبي يختلف عن غيره من المترجمين. فطالما أن الترجمة الأدبية تعمل في المقام الأول على إعادة خلق الأصل، أو خلق وحدة جديدة بين المحتوى والشكل على أساس اللغة الهدف، فذلك من شأنه أن يمنح مترجم النص الأدبي قدرا كبيرا من الحرية في التعامل مع النص الذي يترجمه، فهو يستطيع التصرف في النص بطريقة ما، فيحذف ما يريد ويضيف ما يريد، بل إنه يستطيع إعادة كتابة النص في صياغة جديدة دون أن تترتب على ذلك آثار سلبية على الترجمة من الناحية العلمية. وعلى الرغم من أن ترجمة النص الأدبي يجب أن تكون في ظاهر الأمر أمينة للنص الأصلي بحيث توهم قارئها أنه أمام الأصل لا الترجمة، فإن ذلك لا يعني أننا سنصل إلى ترجمة كاملة ونهائية للنص الأدبي، فمثل هذه الترجمة المطلوبة نظرياً مستحيلة من الناحية العلمية. وبالتالي، لا ضير من إعادة ترجمة النص الواحد إلى اللغة نفسها متى ما دعت الضرورة. وعليه، فإن جودة الترجمة الأدبية يجب ألا تقاس بالتزامها بالأصل وحده، بل بالتزام النص المترجم بقوانين اللغة التي كتب بها وبروحها أيضاً.


وعلى ضوء ما تقدم، نادى الأديب الناقد جلبرت هايت (Gilbert Highet) بضرورة تعدد الترجمات للأثر الفكري أو الأدب الواحد في اللغة الواحدة. فالتراجم المتعددة في اللغة الواحدة إثراء للغة من ناحية، و تفتيحا لمغلقات المعاني وخفياتها من ناحية ثانية، وتفتيحا لنواحي الجمال والذوق والعمق من ناحية ثالثة، وتقريبا لإدراك المعاني والمقاصد من ناحية رابعة[1].


ويؤكد عبد الحميد زاهيد، أحد مترجمي رواية (الشيخ والبحر)، بأن السبق إلى ترجمة أي عمل لا يحول دون إعادة ترجمته مرة أخرى. فالنص فضاء مفتوح، والترجمة قراءة، والقراءات تتعدد بتعدد القرّاء، والمترجم قارئ قبل أن يكون مترجما. من هنا نجده يؤكد ضرورة تعدد ترجمات العمل الواحد لجعل القارئ يستدرك ما فات المترجم الأول.[2]

ويرى محمد عبد الغني حسن أن

"الترجمات المتعددة للأثر الواحد في اللغة الواحدة هي في الحق نوافذ كثيرة مفتوحة على المعاني التي يتضمنها الأصل المترجم. وكلما كثرت هذه النوافذ كان الاستمتاع بالأصل أكثر، وبلوغ الفهم إليه أقرب، كالنظر إلى منظر بهيج، أو حقل فسيح من خلال نوافذ متعددة، فإن ذلك يزيد من تعدد جوانب المرئي، ومن تنوع مواقع النظر إليه، ومن تكثير مدارك الجمال فيه. ومن هنا لم يَعُدّ الغربيون الترجمات المتعددة للأثر الواحد في اللسان الواحد ازدواجا في العمل، أو تكثيرا فيه، أو إسرافا لا طائل تحته، ولا جدوى منه، ولكن عدوه ضرورة لا يجوز التخلي عنها، بل حرصوا كل الحرص على المزيد منها، فإن الترجمات للأثر الواحد تزيد عاما بعد عام، وكل ترجمة تفتح أمام القراء رحابا جديدة، وتوسع أمامهم آفاقا جديدة، و لذائذ و متعا فكرية جديدة، فهي كالقمر يزيدك وجهه حسنا إذا ما زدته نظرا"[3].

من جانب آخر، يرى المعارضون أن إعادة ترجمة النص الواحد ترف وتبديد للجهد والوقت، خاصة إذا توافق ظهور ترجمات النص الواحد في فترات متقاربة. لذا، فبشير العيسوي يتعجب من ظهور سبع ترجمات لمسرحية (روميو وجوليت) لاسيما أن ثلاث ترجمات منها ظهرت في عام 1960م، لكل من: سمير شيحاني، ومؤنس طه حسين، وحسن محمود، وفي عام 1978م ظهرت ترجمتان لكل من جمال غازي، وعلي أحمد باكثير.[4]


وفي سبيل توفير الجهد والطاقة لإنجاز أكبر قدر من الترجمات التي يحتاج إليها العالم العربي، ينادى الأستاذ وديع فلسطين بوجوب الاقتصار على ترجمة عربية واحدة جيدة رصينة للأثر الأجنبي الواحد، لأن العرب اليوم ليسوا في زمن يسمح لهم بتكرار أنفسهم وجهودهم، بل يعوزهم أن يستغلوا الوقت والجهد في أعمال متجددة يوميا[5].


ويرجع شوقي جلال محمد أسباب انتشار ظاهرة تعددية ترجمة النص الواحد إلى أن الترجمة في الوطن العربي "ترف فردي في أغلب الأحيان، وجهد متباين الوجهات، مما يعكس غياب رؤية عربية عامة تعي مقومات العصر ومقتضياته وتحدياته... والترجمة جهد فردي، وعلى الرغم من محدوديتها فإنها تتم بدون تخطيط، وإنما انتقائية فردية على مستوى المترجم والناشر"[6].


جدير بالملاحظة أن ظاهرة تعددية ترجمة النص الأدبي الواحد لا تقتصر على مجتمع دون آخر، أو لغة دون أخرى، بل هي في حقيقة الأمر ظاهرة عالمية، موجودة في لغات الغالم، وغير قاصرة على الوطن العربي فحسب. فنجد على سبيل المثال أن (الكوميديا الإلهية)، للشاعر الإيطالي دانتي أليجيري (Dante Alighieri) الذي عاش في القرن الثالث عشر للميلاد، قد أعيدت ترجمة القسم الأول منها (الجحيم) مرات عديدة في كثير من اللغات، فترجمت إلى الإنجليزية اثنتي عشرة مرة، وإلى الفرنسية ست مرات.


وقد علق علي أدهم على ظاهرة الترجمات المتعددة للأثر الواحد لدى الغرب قائلا: "وقلّ أن ترى عند الغربيين ترجمة واحدة لمؤلف بارز"[7]. ويعني ذلك أنه بقدر ما يكون للعمل الأدبي من قيمة في لغته الأصلية، يكون الاهتمام بتعدد ترجماته إلى لغات أخرى، وبقدر إقبال أهل اللغات الأخرى على ترجمة هذه العمل الأدبي، تتسع فرص إعادة ترجمته بين كل فترة وأخرى.


بيد أن تعددية ترجمة النص الأدبي الواحد يمكن أن تكون ترفا ومضيعة للوقت إذا بالغ المترجمون في ترجمة العمل الأدبي الواحد في فترات متقاربة، خاصة في ظل وجود ترجمات جيدة ورصينة. إن المنطق السليم يحتم أن يكون وراء تعددية ترجمة النص الواحد أسبابٌ تبررها، مثل تجديد ترجمة قديمة، أو تصحيح ترجمة ضعيفة، أو أقلمة النص وتخصيصه لفئة معينة من القراء، كالتمصير والسعودة واللبننة. أما إعادة ترجمة الأعمال الأدبية من أجل المباهاة والتباهي فهي – في تقديري الشخصي - مضيعة للوقت والجهد.


وقد يكون لترجمة الشعر مثلا ما يبرره، باعتبار أن ترجمة الشعر ليست في حقيقة الأمر إلا تأليف شعر آخر لا يحمل من النص الأصلي إلا عبقا من روحه؛ لذلك لا يدهشنا كثيرا أن نجد لـ (رباعيات الخيام) أكثر من ستين ترجمة.[8] لكن الأمر يختلف بالنسبة لترجمة النثر؛ لأن ترجمة النثر تعني في المقام الأول بترجمة المضمون مع مراعاة روح النص قدر الإمكان؛ لذلك فإن الدهشة تأخذنا كل مأخذ إذا ما علمنا بأن رواية (الشيخ والبحر) لأرنست همنغواي قد ترجمت إلى العربية أكثر من عشرين مرة في فترة زمنية قصيرة لا تتجاوز خمسين سنة. وقبل المضي قدما في مناقشة الدوافع وراء ظهور هذا الكم الهائل من الترجمات لهذه الرواية، يجدر بنا أن نتوقف قليلا عند هذه الرواية للتعريف بها، والتعرف إلى أهم خصائصها ومميزاتها التي جرّت المترجمين تباعا إلى الولوج في أغوارها والغوص في أعماقها طواعة لا كراهية.

 

رواية (الشيخ والبحر)


يكاد يجمع النقاد في الغرب على أن أرنست همنغواى هو أشهر كاتب أمريكى فى القرن العشرين بلا منازع. وقد نالت روايته (الشيخ والبحر) رواجا عظيما إذ بيعت منها أكثر من خمسة ملايين نسخة خلال يومَيْن فقط بعد أن نشرت مجلة لايف (Life Magazine) الأمريكيّة هذه الرواية فى عددها الصادر بتاريخ 1/9/1952م. وثد علت مكانة هذه الرواية بعد أن نالت عام 1953م جائزة البولتسر (Pilitzer Prize)، وهي أرفعُ جائزة أمريكيّة أدبيّة. وفى سنة 1954م، حاز إرنست همنغواى جائزة نوبل. وكان من عادة لجنة جائزة نوبل عند تقديم الجائزة ألا يشيروا إلى عمل واحد بعينه حفاظا على هيبة الجائزة التي لا يمكن أن تمنح نظير عمل أدبي واحد. لكن اللجنة عند تسليم همنغواي الجائزةَ أفصحت عن إعجابها الشديد برواية (الشيخ والبحر)، فورد فى قرارها تصريحٌ لسبب اختيار همنغواي وهو "لإتقانه فنّ السرد الذي برهن عليه مؤخَّراً فى (الشيخ والبحر) وللتَّأثير الذي مارسه على الأسلوب المعاصِر".


وفي عام 1958م، أنتجت هوليود القصة في فيلم سينمائي من إخراج جون ستيرجس (John Struges)، وبطولة سبنسر تريسي (Spencer Tracey). وفي عام 1990م، أعيد أنتاج الفيلم مرة أخرى على يد المخرج جود تايلور (Jud Taylor)، وقام ببطولته الفنان العالمي أنطونى كوين (Anthony Quinn) الحائز على جائزة الأوسكار.


وقد كتب همنغواى هذه الرواية بسبب عشقه الكبير للبحر والصيد، فقد كانت إحدى هواياته المُفضَّلة صيد السمك بمركبه الشِّراعى المُسمَّى بيلار (Pilar). وقد اقتنى همنغواي هذا المركب عندما عاش بالقُرْب من هافانا فى كوبا ابتداء من سنة 1940م حتّى نجاح الثورة الكوبيَّة بقيادة فيدل كاسترو سنة 1959م. وقد استخدم همنغواى صيّاداً كوبيّاً متقاعداً اسمه جورجيو فوينتس (Georgio Fuentes) للعناية بمركبه الشِّراعيّ. ويتفق النقاد أن همنغواي استوحى قصة (الشيخ والبحر) من الصياد فويتس، أو أن يكون سمعها منه. وكان فوينتس قد ولد فى جزر الكنارى سنة 1897م، وتُوفِّيَ مُصاباً بالسرطان سنة 2002م بعد أن عاش ما يقارب 104 سنوات، دون أن يقرأ (الشيخ والبحر) حتّى ولا فى ترجمتها الإسبانيّة. وعندما مات همنغواى مُنتحِراً سنة 1961، بادر فوينتس إلى إهداء قارب همنغواى إلى الحكومة الكوبيّة.

 

ملخص الرواية:


تدور رواية (الشيخ والبحر) حول صيّاد كوبيّ مُتقدِّم فى العمر اسمه سنتياغو (Santiago)، عانده الحظ لمدة 84 يوماً، فكان يعود كل يوم من البحر خاوي الوفاض دون أن يصطاد سمكة واحدة حتى تركه الصبيّ الذي كان يعمل تحته. ودارت الأقاويل على ألسنة سكان القرية أن الشيخ أصابه نحس مزمن، فكان زملاؤه الصَّيَّادون يَسْخرون منه ويرثون لحاله. لكن الشيخ ما كان يعبأ بما يقال، فكان يستيقظُ كلَّ صباح مفعما بالأمل لثقته بنفسه وقدراته، وينطلق إلى مركبه الصغير حاملا عدة الصيد ليجدف بعيدا في خليج المكسيك (The Gulf Stream) بحثاً عن رزق يوم جديد. وفى اليوم الخامس والثمانين، تعلقت سمكة ضخمة بصنارته لم ير مثلها في حياته، ودخلت معه في صراع مرير لمدّةَ يومَيْن كاملَيْن حتّى استطاع أن يتغلّب عليها. لكن السمكة كانت أطول من أن تسكن قاربه، فلم يجد بدا من ربطها بجانب القارب ليسحبها معه إلى الشاطئ. بَيْدَ أنّ أسماك القرش لم تمهله، وتتركه ينعم بغنيمته الوافره، فأخذت تباغت القارب لتنهش من لحم السمكة؛ وعندئذ يدخل الشيخ مرة أخرى فى قتالٍ ضروس مع أسماك القرش حفاظاً على سمكته، ويستطيع في النهاية التغلب عليها وقتلها، لكنه يخفق في الحفاظ على سمكته. وأخيرا يصل الشيخ إلى الشاطئَ سليما حاملا معه رفات سمكته التي لم يبق منها سوى رأسِها الذي لا يؤكل وهيكلها العظميِّ الهائل. وهكذا يخسر الشيخ معركته في هذه الرحلة الطويلة، لكنه سرعان ما يقف على قدميه من جديد عندما يرى نظرة الإعجاب والإكبار في عيون الصيادين الآخرين، وعندئذ يدرك الشيخ أنه انتصر على نفسه، وعليه أن يتطلع إلى مستقبل أفضل.

 

هدف الرواية:


إن النظرة السريعة لرواية (الشيخ والبحر) قد تجعل البعض يقللون من أهميتها، فهذه الرواية أبطالها شخصيتان لا غير، هما الشيخ والصبي، وليست فيها امرأة واحدة، وتتلخص أحداث الرواية أن شيخا اصطاد سمكة كبيرة ولم يتمكن من الرجوع بها سالمة. لكن القراءة المتأنية للرواية تجعلنا ندرك أن الرواية ليست مجرد قصة صيد عادية، بل هي قصة تجمع بين متناقضين، هزيمة مادية وانتصار معنوي، قصة تحكي عن صراع الإنسان مع قوى الطبيعة، قصة حياة الإنسان الذي لا تستجيب الأقدار دوما لرغباته، إنها باختصار شديد قصة الحياة. وقد اختلف النقاد والمترجمون في صياغة الهدف الرئيس الذي تقوم عليه الرواية، وإليكم بعض ما قيل عنها من المترجمين العرب:

  • زياد زكريا: "إن لكل مجاهد أجره، وإن لم يستطع المجاهد أن يلمس جوهر هذا الأجر، فإنك تلمسه في كلمة طيبة تقال عن هذا المجاهد، فتصبح عطرا في سيرة حياته بعد أن تحترق ذبالة النور الأخيرة من هذه الحياة[9].

  • سمير عزت نصار: "صراع صياد السمك وجرأته وتحمله تلخيص لحياة الإنسان"[10].

  • عبد الحميد زاهيد: "القصة تلهم تحدي الصعاب و قراع الخطوب، فالإنسان لم يخلق للهزيمة، ولكنه خلق ليموت لا ليهزم"[11].

  • علي القاسمي: "القصة تمجد نضال الإنسان من أجل التحكم في الطبيعة وتسخيرها لترقية حياته دون أن يفقد إيمانه وثقته بنفسه من جراء الانتكاسات التي يتعرض لها"[12].

 

الترجمات العربية لرواية (الشيخ والبحر)


من الصعب الجزم بعدد الترجمات العربية لرواية (الشيخ والبحر) بسبب عدم وجود بيبليوجرافيا للأعمال المترجمة إلى العربية تغطي الأعمال الموجودة في العالم العربي. لكن أول ترجمة لهذه الرواية بإجماع الباحثين كانت لمنير البعلبكي الذي ترجمها عام 1961م. ثم توالت الترجمات من مختلف الأقطار العربية على يد مترجمين مختلفين؛ أمثال: صالح جودت، وزياد زكريا، وسمير نصار، وفاضل حبيب محسن. وقد ذكر المترجم علي القاسمي، آخر مترجمي هذه الرواية، في أعمال المؤتمر الثاني حول ترجمة النص الديني عام 2009م أن هذه الرواية تمت ترجمتها إلى العربية أكثر من عشرين مرة. وقد صرح بأنه عندما بدأ في ترجمة الرواية كان يظن بأن آخر ترجمة للرواية كانت في تسعينات القرن المنصرم، لكنه فؤجي في المؤتمر أن أحد الحضور، وهو الدكتور عبد الحميد زاهيد، قام بترجمة الرواية وأصدرها عام 2008م.


ولعل من بين أسباب صعوبة حصر الترجمات العربية لهذه الرواية أن ثمة ترجمات لبعض دور النشر لم يذكر فيها اسم المترجم، مثل ترجمة دار البحار لعام 1999م، وترجمة دار أسامة لعام 2006م. كما ظهرت ترجمات بعناوين مختلفة، مثل ترجمة (إيلي مُهنّا) التي صدرت في عام 2003م تحت عنوان (العجوز والبحر). من جانب آخر، اختفت بعض الترجمات ولم يعد لها أثر في المكتبة العربية، مثل ترجمة صالح جودت التي أصدرت ضمن سلسلة روايات الهلال، في العدد 307، في يوليو لعام 1974م. وهناك ترجمات أخرى لم نسمع عنها إلا ضمن بعض الدراسات التي تناولت ترجمة رواية (الشيخ والبحر)، وترجمات أخرى لم أسمع بها إلا ضمن بعض الدراسات التي تناولت ترجمة رواية (الشيخ والبحر)، مثل ترجمة (لانا أبو مصلح) ذكرها المترجم عبد الحميد زاهيد في دراسته التي قارن فيها ترجمته بهذه الترجمة التي خرجت بدون تاريخ إصدار.

 

أسباب تعدد ترجمات رواية (الشيخ والبحر)


إن معظم الذين ترجموا (الشيخ والبحر) إلى العربية أغراهم قصر النص وبساطة اللغة. فقد اختلف النقاد في تصنيف هذه الرواية، فهناك من يقول إنها قصة وليست رواية، وهناك من يقول إنها أطول قصة قصيرة كتبها همنغواي. أما المترجم زياد زكريا فيقول إن القصة تقف في منتصف الطريق بين الأقصوصة والرواية[13].

ومما عزز أيضا من مكانة هذه الرواية أن بعض الجامعات قامت بتدريس (الشيخ والبحر) ضمن مقرراتها للتعريف بالأدب الأمريكي. وفي هذا الصدد يقول المترجم عبد الحميد زاهيد: "وقعت في عشق هذه الرواية وأنا طالب في شعبة الأدب الإنجليزي، درست فصولها وأحداثها على يد أستاذة فاضلة، بشعبة الأدب الإنجليزي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش، وقد دفعني عشق هذه الرواية إلى نقلها من لغتها الأصلية (الإنجليزية) إلى اللغة العربية، لعلي أنقل إلى قارئ لغة الضاد بعض هذا العشق وبعض هذا الإحساس الذي غمرني وأنا أقرؤها في اللغة المصدر".[14] 

تجدر الإشارة إلى أن الفضل في تدافع القراء والمترجمين نحو ترجمة (الشيخ والبحر) يعود إلى أسلوب همنغواي المتميز، والمعروف بالسهل الممتنع. ويلخص علي القاسمي أهم خصائص أسلوب همنغواي وتقنياته التي تغري المترجمين للتصدي إلى أعماله في ما يلي:[15]

  1. السهولة: همنغواي من رواد الأسلوب الواقعي المرسل، الذي حرر الكتابة الأدبية الإنجليزية من التراكيب المعقدة، ومن المفردات الصعبة والنادرة، وانتقل بالكتابة إلى الألفاظ البسيطة والتعبيرات الواضحة.

  2. الاقتصاد في اللغة: يعبر همنغواي عن الفكرة بأقل عدد من المفردات، وهذا ما جعل الناقد أنتوني برجس (Burgess Anthony) يقول عن رواية (الشيخ والبحر): "إنه نص لا يضاهى، كل كلمة فيه ذات دلالة، ولا يوجد لفظ واحد زائد"[16].

  3. عدم المبالغة: تعلم هنغواي من عمله الصحفي عدم المبالغة في السرد، ونقل الحوادث بنوع من الحيادية، وعدم إضفاء أية عاطفة على الخبر.

  4. اللغة الإشارية: يلجأ همنغواي كثيرا إلى الإشارة دون تصريح، فهو لا يكشف عن الحقائق والمشاهد كلها، ولكنه يكشف عن جزء يسير منها، ويترك الباقي للقارئ ليعمل فيه خياله وتأويله. ولا تقتصر الإشارة عند همنغواي على الشكل واللغة الإشارية فحسب، بل تمتد كذلك إلى المضمون، أي تفاصيل الحدث.

  5. إشراك القارئ في العملية الإبداعية: يلجأ همنغواي إلى تقنيات متعددة لإشراك القارئ في قصصه، مثل طرح أسئلة دون تقديم الجواب، بحيث يجد القارئ نفسه مطالبا بالإجابة عنها، أو استعمال ضمير المخاطب في السرد ليشرك القارئ في الحوار، أو ترك فراغات في النص تدفع القارئ نحو ملئها واستكمالها.

 

ترجمة (الشيخ والبحر) لعلي القاسمي


بذل المترجم علي القاسمي جهدا محمودا في ترجمة (الشيخ والبحر)، فقد عكف على ترجمته سنتين متواصلتين على الرغم من كونه يمتلك كفاءة أدبية وثقافية واجتماعية سواء في تعامله مع آداب القصة بعامه، أو نصوص همنغواي والأدب الإنجليزي بعامة. وقد صرح القاسمي أنه لم يطلع على أي ترجمة من ترجمات (الشيخ والبحر) حتى لا يتأثر بأسلوب غيره من المترجمين الأوائل. ولم يكتف بذلك فحسب، بل ولكي يعيش أجواء القصة من خارج النص، توجه قبل ترجمتها إلى مدينة الصويرة المغربية، وقضى ليلة كاملة في مركب شراعي صغير يقوده صياد سمك، وذلك للاطلاع على أجواء البحر، والمفاهيم المرتبط بعالم الصيد والأدوات المستعملة فيه. إضافة إلى ذلك، فقد اقتنى شريطين سينمائيين لهذه القصة من إنتاج هوليود؛ وذلك في إطار الاستعداد الأولي لترجمة الرواية.


ونظرا لعلم القاسمي بوجود ترجمات متعددة ومختلفة لرواية (الشيخ والبحر)، قام المترجم بتقديم مسوغات لترجمته، فذكر جملة من الأسباب العامة والخاصة وراء القيام بإعادة ترجمة الأعمال الأدبية، ومن بين أهم الأسباب العامة ما يلي:

  1. نفاذ بعض الطبعات من السوق، فلم تعد بعض الترجمات القديمة الجيدة متوفرة للجيل الجديد.

  2. اللغة تتغير وتتطور؛ ولذلك يوصي علماء اللغة وخبراء الترجمة بإعادة ترجمة الأعمال الأدبية الخالدة بين حقبة زمنية وأخرى؛ لأن اللغة في تحول وتغير وتطور باستمرار. ففي كل يوم تشيخ كلمات، وتولد كلمات، وتموت كلمات. وفي كل يوم تكتسب بعض الألفاظ معان جديدة، أو تستعمل في تعبيرات وسياقات مختلفة عن استعمالاتها السابقة.

  3. الترجمة تزيد متعة القراءة، فالقاسمي – على حد تعبيره - يستمتع بالقصة أكثر، و يتمثلها بصورة أعمق، ويتفاعل معها على وجه أصدق حين يقوم بتدريسها أو شرحها أو ترجمتهما. وبما أن (الشيخ والبحر) قد أعجبته كثيرا، قرر ألا يعيد قراءتها فحسب بل يكثف اللذة ويصعد المتعة عن طريق ترجمتها إلى اللغة العربية.

  4. الترجمة تعلم الكتابة الأدبية، فقراءة الأعمال القصصية والروائية الخالدة باللغات المختلفة تعلم بصورة واعية أو لا واعية بعض تقنيات الكتابة السردية.


أما الأسباب الخاصة التي دفعت القاسمي إلى إعادة ترجمة (الشيخ والبحر) فتعود إلى كون هذه القصة بالذات تعد من أفضل أعمال همنغواي، فضلا عن كونه أحد أشهر أدباء أمريكا، إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق. القصة تعلم التعلق بالحياة، وتمجد حب العمل، وتشيد بمواصلة الإنسان نضاله من أجل السيطرة على الطبيعة وتسخيرها لترقية حياته وزيادة رفاهيته. إضافة إلى ذلك، عبر القاسمي عن رغبته الشخصية في نقل أسلوب همنغواي السهل الممتنع، وصيانة تقنياته السردية. ويرى القاسمي نفسه أحد المتخصصين في أدب همنغواي، فقد سبق أن ترجم لهمنغواي (الوليمة المتنقلة)، وبعض قصصه في كتابه (مرافئ على الشاطئ الآخر: روائع القصص الأمريكية المعاصرة).


لا شك أن الإقدام على إعادة الأعمال الأدبية المترجمة عملية تحيطها مخاطر متعددة، فإعادة الترجمة لا تشبه الترجمات الأخرى العادية، فهي ليست نزهة عابرة؛ لأن من يقدم على إعادة ترجمة عمل مترجم آخر إنما يضع نفسه وجها لوجه في منافسة مع ذلك المترجم. وقد كان القاسمي يدرك أن عمله بمثابة تحدٍ لجميع المترجمين الذين تصدوا لترجمة رواية (الشيخ والبحر)، المشهود لهم بالكفاءة العلمية واللغوية، من أمثال منير البعلبكي صاحب قاموس المورد، والأديب الراحل صالح جودت. كما كان يدرك أيضا أن ترجمته يجب أن تقدم قيمة إضافية طالما أنه يترجم عملا مترجما معروفا، وقد قال مبررا عمله:

"إن معظم الذين ترجموا (الشيخ والبحر) لم يأخذوا في الاعتبار خصائص أسلوب همنغواي، ولا تقنياته السردية.. فإذا نقل المترجم مضامين النص الأدبي دون أن يحفل بأسلوب الكاتب الأصلي ولا بتقنياته السردية، أخلّ بالأمانة العلمية، ولم تكن ترجمته ممثلة للأصل بصدق، فنحن لا نترجم المضامين فقط، وإنما نترجم الأساليب والتقنيات كذلك. وأزعم أن ترجمتي لقصة (الشيخ والبحر) راعت أسلوب همنغواي وتقنياته، كما حافظت على مضامين النص ومراميه"[17].

ومن أجل تحقيق هذا الهدف، تعمد القاسمي ألا يطلع على الترجمات السالفة حتى لا يتأثر بها. وبعد أن أتم ترجمته أجرى مقارنة بين ترجمته وترجمتين سابقتين، لكل من منير البعلبكي وزياد زكريا، في دراسة بعنوان "في إعادة الترجمة الأدبية المترجمة سابقا"، وقد نشر هذه الدراسة في مجلة جامعة القاهرة (لوجوس)، ومجلة (ترجميات) المغربية. وقد بين القاسمي في هذه الدراسة اللطيفة مجموعةً من المؤاخذات والأخطاء التي وقعت فيها الترجمتان السابقتان، وقد قسمها إلى فروق دلالية، ومفهومية، وتركيبية، وصرفية.


وقد ذكر القاسمي أمثلة كثيرة للفروق الدلالية المتمثلة في عدم دقة الترجمتين السابقتين في انتقاء الألفاظ، نذكر منها على سبيل المثال ترجمة البعلبكي وزياد عبارة (the old man) إلى (عجوز)، فهو يفضل عليها كلمة (شيخ) باعتبار أن (العجوز) مشتقة من (العجز) أي عدم القدرة على العمل، أما (الشيخ) فعلى الرغم من أنها تدل على الشيخوخة إلا أنها تدل أيضا على الحكمة والمعرفة. ومثال آخر، ترجمة كلمة (a boy) إلى (غلام)، فهو يفضل عليها كلمة (صبي) لأن (الغلام) بحسب تعريفه هو العبد المملوك، أما (الصبي) فقد تطور معناه، واكتسب دلالة حديثة، هي (الولد الذي يتعلم المهنة مع معلم).


أما بالنسبة للفروق المفهومية فيعرفها بأنها استخدام ألفاظ غير موجودة في الوجود ولكنها موجودة في الأذهان، ومثال ذلك ترجمة (a man of war bird) إلى (نسر). فقد استنكر القاسمي هذه الترجمة لأن هذا الحيوان البحري ذو جناحين طويلين يهاجم السمكات الطائرة ويصطادها ويأكلها، في حين أن النسر ليس من الطيور البحرية، ولا يصيد بل يقتات على الجيف.


وفي معرض الفروق التركيبية، ركز القاسمي على ظاهرة ترتيب الصفات في العبارات الإنجليزية. أما بالنسبة للفروق الصرفية، فقد تناول القاسمي قضية عملية الاقتراض اللغوي، واستنكر ترجمة (Galanos) إلى (غلانوس)، وهي تعني نوعا شرسا من القروش. وقد هاجم القاسمي هذا النوع من الترجمات الاقتراضية التي يراها المخرج اليائس لكل من يعجز عن إيجاد المكافئ الثقافي واللغوي الصحيح، ومما زاد الطين بلة أن الاقتراض شمل علامة الجمع (s)، كما لو ترجمنا (three dollars) بـ (ثلاثة دولارس).


وقد عزا القاسمي مجمل الأخطاء التي وقعت فيها الترجمتان السابقتان بشكل خاص إلى عدم الاطلاع الجيد على أسلوب همنغواي في الكتابة وعلى أدبه والدراسات النقدية التي أنجزت حوله. وعلى ضوء ما تقدم يؤكد القاسمي ويدعي أنه يقدّم أفضل ترجمة لرواية (الشيخ والبحر)، وذلك عندما قال: "ومع جودة معظم الترجمات العربية للقصة، فإنني أفضل ترجمتي"[18]. ويلخص القاسمي دراسته بقوله: "أقدمت على إعادة ترجمة القصة لا لزيادة متعتي في قراءتها والاستفادة من تقنياتها فحسب، وإنما لأنقلها إلى القارئ العربي بطريقتي الخاصة التي أستثمر فيها جميع معرفتي بهمنغواي ولغته وأسلوبه وتقنياته"[19].

 

نحو ضبط وتقنين ظاهرة إعادة ترجمة الأعمال الأدبية المترجمة


على الرغم من الجهد الذي بذله المترجم القاسمي وغيره من المترجمين المحدثين لنقل رواية (الشيخ والبحر) إلى العربية، فإني أرى أن هذا الجهد يندرج في إطار الترف الترجمي الذي تولد عن غياب التخطيط الممنهج لما يجب أن يكون عليه سير عملية الترجمة في العالم العربي. ولعل القاسمي كان يدرك أن إعادة ترجمة رواية (الشيخ والبحر) ستثير عليه النقاد، لذلك نجده يستبق الأحداث ويقدم دراسة أدبية مقارنة مطولة تقترب من خمسين صفحة للدفاع عن ترجمته. وعلى الرغم من المسوغات الكثيرة التي عرضها القاسمي في دراسته إلا أنها لا تكاد تخلو من الهنات والمؤاخذات. فقول القاسمي أنه يسعى من وراء ترجمته إلى نقل أسلوب همنغواي وتقنياته إلى العربية قول باطل على المستوى النظري، وغير قابل للتحقيق على المستوى النظري. فنقل المضمون والأسلوب في عملية الترجمة مستحيل. وإن حدث ذلك فهذا يعني أننا نستطيع تحقيق الترجمة المثالية التي لا وجود لها على أرض الواقع. لا شك أن لكل لغة أسلوبها في التعبير، ولا يمكن نقل أسلوب لغة إلى لغة أخرى، والمترجم غير مطالب عند نقل مضامين النص الأصلي إلا بالحفاظ على اللغة التي يترجم إليها. والترجمة من هذا المنطلق تعني استبدال أسلوب بأسلوب، وعندئذ لن يكون هناك مفر من خروج الترجمة عن الأصل إذا ما أردنا ضمان صحة الترجمة وبعدها عن الركاكة والضعف.


لقد زعم القاسمي أنه نجح إلى حد ما في نقل أسلوب هنمغواي وتقنياته إلى العربية، ولعل أيسر ما يدحض هذا الزعم أن همنغواي كان أبرز وأفضل الكتاب الأمريكيين بشهادة النقاد والباحثين، فهل استطاع القاسمي أن يتبوأ هذه المنزلة ويكون أبرز وأفضل الكتاب العرب؟! لقد اعترف القاسمي في حديثه عن ترجمة منير البعلبكي بأنها أفضل من ترجمته، فقال: "وأقر بأن ترجمته أفضل من ترجمتي بلغتها وأسلوبها العربي، ولكنها أغفلت كثيرا من ملامح أسلوب همنغواي وتقنياته"[20]، وهذا يعني بوضوح وبجلاء أن القاسمي بعيد أن يكون أحد أبرز وأفضل الكتاب العرب، أو حتى المترجمين العرب.


لقد ترجم القاسمي أسلوب همنغواي بأسلوبه هو، وكذلك فعل مترجمو الرواية الآخرون، حيث قام كل واحد منهم بترجمة همنغواي بطريقته الخاصة، فكانت لكل ترجمة من الرواية قراءة خاصة. وليس في ذلك ما يعيب، إذ إن الترجمة ليست إلا قراءة يحاول من خلالها المترجم تفسير المقروء في اللغة التي يترجم إليها، ويقول محمد عناني في هذا الصدد إن الترجمة تمر بمرحلة "التفسير الخاص الذي يخرج به المترجم من النص الذي يتصدى له، وهو يفعل ذلك شاء أم أبى في إطار اللغة التي ولد في كنفها ودرج على التفكير والأحساس بها"[21].


لا شك أن معنى النص لا يمكن الإمساك به بشكل قطعي، وما قدمه القاسمي ليس إلا جزءا من المعنى الذي يختفي خلف نص الرواية. إضافة إلى ذلك، فإنه على الرغم من اختلاف ترجمات (الشيخ والبحر) في الأسلوب والعرض والتقديم، فإنها بشكل عام لا تختلف كثيرا عن بعضها البعض؛ إذ إنها جميعا تسعى نحو تحقيق هدف واحد، وهو نقل مضمون النص الأصلي للعمل المراد ترجمته.


أما بالنسبة للأخطاء والمؤاخذات التي وقعت في الترجمات السابقة والتي دونها القاسمي في دراسته، فهي وجهة نظر تقبل الأخذ والرد. وإن أقررنا بالأخطاء التي أوردها القاسمي– وأتحفظ على تسميتها أخطاء – فإنها تدخل ضمن إطار العمل البشري العادي غير المعصوم من الخطأ والزلل، وليس هناك كتاب خلا من خطأ أو زلل غير كتاب الله عز وجل. وترجمة القاسمي هي الأخرى لم تخل من هفوات، ففي صفحتها الأولى نجد بعض الهفوات الترجمية أو المفهومية – كما يعرفها القاسمي -، والمطبعية.


ولْننْظر إلى عبارة همنغواي التالي: (the old man was now definitely and finally salao، which is the worst form of unluck)، فقد ترجمها القاسمي إلى: (إن الشيخ قد أصيب، بصورة أكيدة ونهائية، ب "النحس"، وهو أردأ أنواع سوء الحظ). لقد اعترف القاسمي أنه توخى في منهجه الحرفية، لذلك نجده يترجم (salao) إلى (النحس)، على الرغم من أن هذه الكلمة لا مكافئ لها في العربية؛ فالنحس في اللغة هو أصل واحد يدل على خلاف السعد، وجمعه أنحس ونحوس، ولم يأت على لسان العرب أن النحس يعني أردأ أنواع سوء الحظ. ولعله كان جديرا بالقاسمي أن يتفادي الحرفية ويقول: (إن الشيخ قد أصيب بصورة أكيدة ونهائية بأشد أنواع النحس).


أما بالنسبة للأخطاء المطبعية فقد ورد سطر كامل مقطع الحروف على النحو التالي (فكان دائما يسرع ليساع ده في حم ل الخي وط الملفوف ة، أو الخطّ اف وال حربة)، ولعل القاسمي كان بإمكانه تفادي هذا الخطأ المؤسف بكل سهولة لو قام بمراجعة الكتاب، أو كلف أحدا بالمراجعة، قبل إصداره.


أما بالنسبة للدراسة التي ألحقها القاسمي بالترجمة، فلم تخل هي الأخرى من هنات وأخطاء، فقد مررت وأنا أتصفحها ببعض الأخطاء النحوية، أذكر منها على سبيل المثال ما يلي:

  • "لأن مخرج المسرحية وممثلوها (ممثليها)" (ص 114).

  • "يمكن أن نعتبر تعبير (من غير أن يفوز بسمكة واحدة) ترجمة جميلة، بل تحسين (تحسينا) للنص الأصلي" (ص 130)


من جانب آخر، فإن القاسمي لم يكن أول من نقد الترجمات السابقة لرواية (الشيخ والبحر)، فقد انتهج عبد الحميد زاهيد نهجه في تبرير موقفه من إعادة ترجمة الرواية، مؤكدا أنه عقد العزم على إعادة ترجمة (الشيخ والبحر) لأن الترجمات السابقة لم تحقق ما جال في نفسه وهو يقرأ الرواية في اللغة المصدر. ومن هذا المنطلق، أجرى زاهيد دراسة بعنوان "نحو بناء تصور ترجمي لنقل الأعمال الأدبية، رواية (الشيخ والبحر نموذجا)"، حيث تناول ترجمتين سابقتين لكل من، منير البعلبكي ولانا أبو مصلح، وأكد أن جانب الأسلوب منهما لم ينل عناية خاصة، فضلا عن أنهما يفتقران إلى ما تقتضيه طبيعة هذه الرواية من تفاعل مع أفكارها وأجوائها التراجيدية. وقد ضرب زاهيد بعض الشواهد على ضعف الترجمتين السابقتين وعدم دقتهما. فعلى سبيل المثال: (I am clean in the head)، ترجمها البعلبكي إلى: (إن رأسي صاف)، وترجمها أبو مصلح إلى: (إن لي ذهنا متوقدا كل التوقد)، ويرى زاهيد أن الأمر لا يتعلق لا بالرأس ولا بالتوقد؛ لذلك فقد ترجمها إلى: (صافي الذهن). ويضرب مثالا آخر في ترجمة العبارة (half lying in the stern)، فقد ترجمها البعلبكي إلى: (واضطجع الشيخ نصف اضطجاع)، وترجمها أبو مصطلح إلى: (واستلقى العجوز نصف استلقاءه)، بيد أن زاهيد يرى أن ترجمة (half lying) ترجمة حرفية تفسد الأسلوب وتشوه المشهد المتمثل في ربط الشيخ السمكة إلى جنب القارب، وكأنها قارب كبير مربوط إلى قارب الشيخ، ورجوعه إلى مؤخرة القارب ليجلس متكئا ليبحر نحو الجنوب الغربي؛ لذلك يكتفي زاهيد بترجمة (half lying) إلى كلمة واحدة معبرة فقط، وهي (اتكأ).[22]


وعلى ضوء ما تقدم، تكون كل الترجمات عرضة للنقد والتصحيح والتجويد باعتبار أن وقوع الخطأ البشري أمر وارد في كل عمل ولا يمكن تفاديه، ولم يكتمل عمل اليوم إلا بدا عليه النقص غدا. ولا أعتقد أن هناك مترجم يجرؤ أن يدعي الكمال لترجمته، كما أن القاسمي نفسه لم يدع الكمال لترجمته، ولا أظنه يفعل ذلك. إذن ما الفائدة من إعادة ترجمة ناقصة بإنتاج ترجمة أخرى ناقصة؟! هل نتكبد عناء إعادة ترجمة الأعمال المترجمة بسبب احتوائها على بعض الهنات والمؤاخذات؟! هل نعيد ترجمة أي رواية استخدمت فيها كلمات، مثل (عجوز) و(صبي)، في غير موقعها؟! إن فتح باب إعادة ترجمة الأعمال الأدبية المترجمة على مصراعيه بدون تقنين وضابط يعني أن ترجمة (الشيخ والبحر) لن تتوقف عند القاسمي، فليس من المستحيل أن يأتي مترجمون آخرون، ويقوموا بإعادة ترجمة الرواية من باب غياب الدقة والأمانة في جميع الترجمات السابقة. 


جدير بالذكر أن بعض الباحثين امتدحوا ترجمة القاسمي، وكان من أشدهم حماسا الدكتور محمد الأشهب الذي قال في حق القاسمي: "والقارئ للأعمال المترجمة للدكتور علي القاسمي يشعر أنه أمام عمل مكتوب بلغة عربية وليس مترجما إليها، والأكثر من ذلك فعلي القاسمي – بحكم محبته للأعمال التي يترجمها – يتفنن في ترجمتها؛ لأنه لا يترجم تحت طلب المؤسسات المختصة في الترجمة... فعلي القاسمي بحكم اطلاعه على النظريات المعاصرة في الترجمة وتدريسه لمادة الترجمة، وبحكم ممارسته للترجمة منذ الستينيات، تشكل لديه تصور فلسفي للترجمة بدا جليا في أعماله المتأخرة، خاصة أعمال همنغواي"[23].


ولكن الأشهب في سياق حديثه عن ترجمة القاسمي وضع يده على الجرح، حيث عبر عن مشكلة الترجمة في العالم العربي التي تظهر في معظم الوقت في شكل نشاط عفوي ارتجالي، فقال:

"لا يترجم الدكتور علي القاسمي أعماله تبعا لخطة مسبقة ومضبوطة، وإنما يترجم ما يروقه من أعمال أدبية رائعة يريد أن يشرك القارئ معه في متعة قراءتها، كما أن عمله في الترجمة هو عمل فردي اختياري، وتبعا لهذه الخطة التي ليست بخطة مضبوطة، تمكَّن علي القاسمي من ترجمة العديد من الأعمال الأدبية التي أصبحت تشكِّل رصيداً مهما في المكتبة العربية"[24].

وتتبدى لنا مفارقة عجيبة في قول الأشهب في نجاح خطة ليست بخطة مضبوطة في إثراء المكتبة العربية. وعلى أي حال، فإن إشكالية الترجمة في العالم العربي تكمن في فكر أصحابها، ورؤيتهم، وأهدافهم. فالترجمة العربية لا تزال تخضع للانتقاء الفردي الذي لا يعي لمقومات النهضة الشاملة التي تسهم في الانتقال من طور التخلف والجمود إلى طور النهوض والمنافسة. لقد أثبتت الدراسات التي أجريت في نظاق عملية المسح الميداني لنشاط الترجمة في العالم العربي على أن النتاج الترجمي العربي هزيل جدا، لا سيما في ما يتعلق بترجمة العلوم التي لا تزال تُعدّ خارج الإطار الحضاري، وبعيدة عن ترجمة أساسيات الفكر العلمي المسؤولة عن دفع حركة التقدم، ويقول شوقي جلال في هذا الصدد: "الترجمة في عالمنا العربي أضحت نوعا من الترف الذهني في الغالب الأعم للاستهلاك، أو أنها مجرد جهد من أجل نقل معلومات فحسب، وتخضع لمبدأ الربح التجاري. إنها تفتقر إلى البرامج على المستويين القطري والقومي، ومن ثم لا علاقة لها بمحاولة منهجية لدراسة الواقع بلغة التطور أوالتطوير الاقتصادي الاجتماعي الثقافي"[25].


تأسيسا على ما تقدم، ندعو المترجمين إلى إعادة النظر في قضية ترجمة الإعمال الأدبية المترجمة لتلافي التكرار وعدم الإفراط في هدر الطاقة والجهد، كما ندعوهم أيضا إلى تكثيف جهودهم على اختلاف مواقعهم، وتنظيم عملهم، والتنسيق فيما بينهم للإفادة من دور الترجمة الريادي في نهضة الأمة. وفي سبيل تقنين ظاهرة إعادة الأعمال المترجمة، نقترح رسم تخطيط ترجمي شامل للعالم العربي، كما نوصي بالآتي:

  1. إعداد بيبليوجرافيا شاملة للأعمال المترجمة إلى العربية لتغطية جميع الأعمال المترجمة في العالم العربي، ويكون ذلك من خلال الاتصال بجميع مراكز جمع المعلومات، ودور النشر، ومراكز البحث في جميع الجامعات المعنية باللغة العربية سواء على مستوى العالم العربي أو الإسلامي، ويتم نشرها على الإنترنت لتكون في متناول الجميع. كما يجب تحديث هذه البيبليوجرافيا سنويا، بإضافة جميع الأعمال المترجمة المستجدة في مختلف حقول المعرفة.

  2. إنشاء رابطة للمترجمين العرب تجمع جميع المترجمين على اختلاف تخصصاتهم واللغات التي يعرفونها، وفتح نوافذ التواصل للعمل المشترك والجماعي بين الهيئات والجمعيات المعنية بالترجمة في العالمين العربي والغربي على حد سواء، مثل جمعية الترجمة وحوار الحضارات بسويسرا، والجمعية الدولية لمترجمي العربية ببلجيكا، والجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب بأمريكا، وجمعية المترجمين واللغويين المصريين، والجمعية العلمية السعودية للغات والترجمة. كما يجب الابتعاد عن التعصب والتقوقع داخل الجمعيات والهيئات المحلية والقومية، والعمل على توحيد جمعيات الترجمة ودمجها تحت مظلة واحدة مع المحافظة على خصوصياتها وتوجهاتها.

  3. إنشاء نقابة للمترجمين العرب تحفظ حقوقهم المادية والمعنوية لتحفيزهم نحو مزيد من العطاء والإبداع.

  4. الخروج بالترجمة من حالة الذاتية الفردية الانتقائية العشوائية إلى مرحلة التخطيط الواعي والعمل الجماعي والشفافية، وذلك من خلال توعية المترجمين ودور النشر ومد الجسور بين جميع الجهات المعنية بالترجمة.

  5. التخطيط لوضع خطة شاملة واستراتيجية تنموية، وذلك من خلال تتبع الأعمال التي تستحق الترجمة في مختلف مجالات المعرفة، وتصنيفها، وتوزيعها على من هو أهل لترجمتها، إضافة إلى مراجعة الترجمات القديمة، وتحديد الترجمات التي تحتاج إلى تصحيح أو إعادة ترجمة.

 

الخاتمة


نعود إلى النقطة الأولى التي بدأنا منها وهي وجوب إعادة النظر في قضية إعادة ترجمة الأعمال المترجمة، فعلى الرغم من كونها ظاهرة عالمية، ينبغي ألا نفتح لها الباب على مصراعيه. فتعددية ترجمة النص الواحد يمكن أن تكون مقبولة إذا كان هناك ما يبررها، من تصحيح ترجمة ضعيفة أو تجديد ترجمة قديمة، وما عدا ذلك فيدخل ضمن الترف الفردي الذي لا طائل منه، أو الترف الفكري الذي تولد عن غياب خطة ترجمية قومية، أو استراتيجية تنموية للنهوض بالعالم العربي نحو اللحاق بركب الدول المتقدمة.


وأخيرا، فإنني في نقد ترجمة الدكتور القاسمي لم أقصد النيل منه أو التقليل من شأنه، فللقاسمي تاريخ طويل مجيد مع التأليف والترجمة، ولولا حبي له ما كنت قرأته، ولولا احترامي لتاريخه ما كنت نقدته. فلا ينكر من يعرف القاسمي أنه صاحب سبق في كثير من مؤلفاته، فقد كان أول من سبر أغوار علم المصطلح عندما ألف كتابه (علم المصطلح)، ولا ننسى أيضا معجمه المتميز (معجم الاستشهادات الموسع). وقد كان القاسمي في حقل الترجمة سباقا أيضا، فقد ترجم رواية همنغواي (الوليمة المتنقلة).  بيد أنه - للأسف الشديد – أساء لتاريخ الطويل عندما أعاد ترجمة (الشيخ والبحر). وليت أنه اكتفى فقط بالدراسة الأدبية التي ألحقها بنهاية ترجمته، والتي تناول فيها ترجمات (الشيخ والبحر)، فهي في رأيي الشخصي أفضل شيء انتهى إليه القاسمي بعد عناء سنتين أهدرهما من حياته من أجل ترجمة رواية سبقه إليها كثيرون.

 


 

المصادر و المراجع


أرنست همنغواي، الشيخ والبحر، ترجمة: زياد زكريا، (بيروت: دار الشرق العربي، بدون تاريخ).

أرنست همنغواي، الشيخ والبحر، ترجمة: سمير عزت نصار، (عمّان: الأهلية للنشر والتوزيع، 2006م).

أرنست همنغواي، الشيخ والبحر، ترجمة: علي القاسمي، (الدار البيضاء: منشورات الزمن، 2008م).

بشير العيسوي، الترجمة إلى العربية قضايا وآراء، (القاهرة: دار الفكر العربي، 2001م، ط2).

شوقي جلال، الترجمة في العالم العربي الواقع والتحدي، (القاهرة: المجلس الأعلى للثقافة، 1999م).

محمد عبد الغني حسن، فن الترجمة في الأدب العربي، (القاهرة: دار ومطابع المستقبل، 1986م).

محمد عناني، الترجمة الأدبية بين النظرية والتطبيق، (القاهرة: الشركة المصرية العالمية للنشر لونجمان، 1997م).

يوسف حسين بكار، الترجمة الأدبية إشكاليات ومزالق، (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2001م).


Ernest Hemingway، The Old Man and the Sea، (London: Arrow Books Limited، 1993).


 

ملحوظات


[1]  نقلا عن: محمد عبد الغني حسن، فن الترجمة في الأدب العربي، (القاهرة: دار ومطابع المستقبل، 1986م)، ص173.

[2]  نقلا عن: موقع الكاتب المغربي عبد الحميد زاهيد (http://zahid66.jeeran.com/archive/2008/8/637190.html).

[3]  محمد عبد الغني حسن، فن الترجمة في الأدب العربي، ص174.

[4]  بشير العيسوي، الترجمة إلى العربية قضايا وآراء، (القاهرة: دار الفكر العربي، 2001م، ط2)، ص15.

[5]  نقلا عن: محمد عبد الغني حسن، فن الترجمة في الأدب العربي، ص185.

[6]  شوقي جلال، الترجمة في العالم العربي، الواقع والتحدي، (القاهرة: المجلس الأعلى للثقافة، 1999م)، ص28-29.

[7]  نقلا عن: أحمد عبد الغني حسن، فن الترجمة في الأدب العربي، ص183.

[8]  يوسف حسين بكار، الترجمة الأدبية إشكاليات ومزالق، (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2001م)، ص75.

[9]  أرنست همنغواي، الشيخ والبحر، ترجمة: زياد زكريا، (بيروت: دار الشرق العربي، بدون تاريخ)، ص9.

[10]  أرنست همنغواي، الشيخ والبحر، ترجمة: سمير عزت نصار، (عمّان: الأهلية للنشر والتوزيع، 2006م)، ص11.

[11]  أرنست همنغواي، الشيخ والبحر، ترجمة: عبد الحميد زاهيد. نقلا عن موقع عبد الحميد زاهيد: (http://zahid66.jeeran.com/archive/2008/8/637190.html).

[12]  أرنست همنغواي، الشيخ والبحر، ترجمة: علي القاسمي، (الدار البيضاء: منشورات الزمن، 2008م)، ص 8.

[13]  أرنست همنغواي، الشيخ والبحر، ترجمة: زياد زكريا، ص 7.

[14]  نقلا عن: موقع الكاتب المغربي عبد الحميد زاهيد (http://zahid66.jeeran.com/archive/2008/8/637190.html).

[15]  أرنست همنغواي، الشيخ والبحر، ترجمة: علي القاسمي، ص 118-121.

[16]  نقلا عن الغلاف الخلفي للرواية من طبعة: (Ernest Hemingway, The Old Man and the Sea, London: Arrow Books Limited, 1993)، ترجمة: علي القاسمي.

[17]  أرنست همنغواي، الشيخ والبحر، ترجمة: علي القاسمي، ص 117.

[18]  المرجع السابق، ص123.

[19]  المرجع السابق، ص154.

[20]  المرجع السابق، ص122.

[21]  محمد عناني، الترجمة الأدبية بين النظرية والتطبيق، (القاهرة: الشركة المصرية العالمية للنشر لونجمان، 1997م)، ص218.

[22]  عبد الحميد زاهيد، نحو بناء تصور ترجمي لنقل الأعمال الأدبية، رواية (الشيخ والبحر نموذجا)، راجع الموقع: (http://zahid66.jeeran.com/archive/2008/8/637190.html).

[23]  منقول من موقع جريدة كل العراق:

[24]  المصدر السابق.

[25]  شوقي جلال، الترجمة في العالم العربي، الواقع والتحدي، ص37.

50 views
bottom of page