إيناس عبد الدايم
وزيرة الثقافة المصرية
موسيقية ذات صيت عالمي / دكتورة و جامعية
على مدار سنوات طويلة وفي حقب زمنية سابقة، واجهت النساء كثيراً من التحديات لتحقيق طموحاتهن وآمالهن، لكن المرأة المصرية اليوم في ظل قيادة سياسية تؤمن بدورها التنموي كشريك أساسي في المجتمع، حصدت كثيراً من الإنجازات، فارتفعت نسبة الوزيرات في الحكومة من 6 بالمائة في عام 2015 إلى 25 بالمائة في عام 2018، وهو أعلى تمثيل على الإطلاق للمرأة في مجلس الوزراء، فالمرأة هي الأم والزوجة والأخت والابنة، وهي صانعة التغيير، والقائدة التي أثبتت قدرتها على النجاح، والصمود في وجه التحديات، بأسلوب قيادة فريد ومتزن، قائم على الإنصات، والسعي لإيجاد الحلول، والعمل بشكل أفضل.
وهنا أعود إلى ما ذكرته الكاتبة نورما كارفينو في كتابها «المرأة القابلة للصعود»، عن الصفات القيادية للمرأة وأهمها: «المشاركة والإبداع والتعاطف والتفويض وإعطاء الصلاحيات، وبُعد النظر، والحوار، والاتصال، والإنصات، وصناعة العلاقات، وفهم الحاجات النفسية لفريق العمل، والمشاركة في صناعة القرار.». ولعل تجربتي كأول وزيرة للثقافة في مصر، وضعت على عاتقي مسؤوليات كبرى، فالثقافة هي مقياس تحضر المجتمعات، و«المثقفون» هم المنوط بهم إنارة الطريق والأخذ بيد مجتمعاتهم، نحو مستقبل أفضل، بموضوعية وتجرد وشفافية.
ولأنني ابنة الوزارة وحياتي متصلة بالفنانين والمثقفين من أكاديمية الفنون إلى «دار الأوبرا»؛ كنت على وعي كبير بالمسؤوليات التي تفرضها علي هذه المرحلة، فوضعت استراتيجية واضحة للعمل وفق أجندة مصر 2030، وكان أولها تطوير المؤسسات الثقافية، وتعزيز القيم الإيجابية في المجتمع، وتحقيق العدالة الثقافية، وتنمية الموهوبين والنابغين والمبدعين، واستعادة الريادة الثقافية بتفعيل قوى مصر الناعمة، ودعم الصناعات الثقافية، بالإضافة إلى حفظ وصون التراث الثقافي، وبالطبع تعمل جميع قطاعات الوزارة على تنفيذ هذه الاستراتيجية بالتعاون فيما بينهم.في فترة الجائحة التي صدمت العالم أجمع، ولكن كانت لها أبعاد إيجابية على العمل الثقافي؛ أطلقت وزارة الثقافة قناة على «يوتيوب» تقدم برامج ثقافية وفنية وزيارات افتراضية لمختلف الفئات العمرية، في وقت لم يكن من الممكن التواصل فيه مع الجمهور بشكل مباشر، ووصل عدد المشتركين بالقناة إلى نحو 109 آلاف شخص، واستطاعت جذب أكثر من 34 مليون زائر، وشاهدها مليونا شخص من 28 دولة حول العالم من خلال بث 354 محتوى إبداعياً، بعدد ساعات مشاهدة بلغ نحو 310 آلاف ساعة، إلى جانب إتاحة إصدارات وزارة الثقافة على الموقع الرسمي لها للاطلاع والتحميل بالمجان، حيث بلغ عدد قراء الكتب 325 ألفاً و756 قارئاً، في حين حققت الجولات الافتراضية لمتاحف الفنون التشكيلية 110 آلاف و215 زائراً منذ انطلاق المبادرة، وما تحقق على الأرض خلال الشهور الماضية سيُكتب في التاريخ.
ورغم تضاعف المهام اليومية وكثرة تحركاتي بسبب الوزارة، كنت حريصة على ألا يؤثر ذلك على حياتي الشخصية، وخصصت مساحة خاصة على جدولي للجلسات الأسرية في المنزل، وهو ما تعلمته من والدتي ومن فترة حياتي في فرنسا، حيث كنت دائماً ما أضع أجندة لمواعيدي بالدقيقة والساعة، وبالطبع ساعدني في ذلك أسرتي التي اعتادت مشاركتي مشوار حياتي، وزوجي المثقف عاشق الفن، الذي دائماً ما دعمني في التنسيق بين مسؤولياتي المهنية وحياتي الأسرية، فوراء كل امرأة عظيمة رجل عظيم يدعمها ويشد من أزرها.
واليوم ونحن نحتفل باليوم العالمي للمرأة، الشريك الأساسي في التنمية والتقدم وبناء الحضارة؛ علينا أن نعمل على تخفيف معاناتها، ومساعدتها في مواجهة التحديات التي تعيق تطلعاتها وطموحاتها المشروعة مثل قضايا الإرهاب، والعنف الأسري، فوفقاً لـ«منظمة الأمم المتحدة للمرأة»، يتعرض نحو ثلث النساء حول العالم لأحد أشكال العنف الأسري أو الجنسي، وتزيد النسبة قليلاً في العالم العربي لتصل إلى 37 في المائة، وقد تصل نسبة النساء المعنفات في بعض الدول إلى 70 في المائة، أما بالنسبة للزواج المبكر، فقدرت المنظمة نسبة الفتيات العربيات المتزوجات أقل من 18 عاماً بنحو 14 في المائة.
وكوزيرة مصرية، وبناءً على تجربة وتماس مباشر، فإنني أجد لزاماً القول إن إدراك صانع القرار المصري لدور المرأة كشريك فاعل ومرتكز حيوي لتحقيق التنمية المجتمعية، يدفعنا إلى القول إننا «نعيش عصراً ذهبيا للمرأة»، ليس فقط كشعار ولكن عبر الممارسة، إذ تم تكليف الحكومة التي أشرف بالانتماء إليها باعتبار «استراتيجية تمكين المرأة 2030» وثيقة العمل للأعوام المقبلة.