السفير خالد فتح الرحمن
السفير والشاعر
مدير إدارة الحوار والتنوع الثقافي المشرف على مكتب سفراء النوايا الحسنة
عن مقال لخالد القعيبندوة عن الروائي السوداني الطيّب صالح أقامها النادي الأدبي بالرياض وتحدث فيها كل السفير السوداني الدكتور خالد فتح الرحمن والأستاذ عبدالله بن محمد الناصر، وأدارها الدكتور سلطان القحطاني بحضور عدد كبير يتقدمهم السفيرالسوداني والسفير الجزائري ومدير عام الأندية الأدبية الدكتور أحمد قران الزهراني، ورئيس مجلس إدارة النادي الدكتور عبدالله الحيدري. استهل القحطاني الندوة بحديث استذكر فيه صحبته للراحل الطيّب صالح، ثم رحب بالحضور والجميع. وقال فتح الرحمن مبتدئا المحاضرة: "أستهل بالحديث في مجال الذكريات وليس النقد إذ علاقتي الشخصية بالطيّب صالح كبيرة جداً وأنتمي للمنطقة التي ينتمي إليها" مستعرضا جوانب كثيرة من ذكرياته معه. بعدهاتحدث الناصر وأشار إلى أن معرفته بالطيّب صالح قد تكون معرفة مختلفة إذ عرفه طفلاً عندما كنت وكان على صلة بإذاعة لندن التي يدير ندوة المستمعين في الإذاعة، الطيب صالح، مضيفا: ما رأيت رجلاً ورأيته أكبر مما سمعت إلا الطيّب صالح عملاقاً بأدبه وأخلاقه وثروته اللغوية ومحبته للتراثوالعروبة والعرب والإسلام والمسلمين. تلا ذلك عدد من المداخلات من الحضور، وكان منهم: الدكتورمعجب العدواني والدكتور عبدالله المعطاني ونايف رشدان ورجاء عبدالقادر ود. حسين الحربي، وفي نهاية الندوة كرّم رئيس مجلس إدارة النادي الدكتور عبدالله الحيدري المشاركين في الندوة. من جهة أخرى يذكر أن منتدى الشباب الإبداعي أقام يوم الأحد الماضي أمسية شعرية شارك فيها الشاعراليمني زين العابدين الضبيبي والشاعر علي الدندن والشاعرة سناء ناصر، وأدارها المذيع أحمد المالكي بحضورعدد من متذوقي الشعر يتقدمهم الشاعر حمد العسعوس، والشاعر محمد عابس، وأمين منتدى الشباب عبدالرحمن الجاسر وغيرهم. بدئت الأمسية بقصيدة للشاعر زين العابدين وفي بداية حديثه شكر النادي على إتاحة الفرصة لهذه الأمسية وبدأ بقصيدة بعنوان "جهات التيه: ومنها: أخاف من الطوفان والبحر داخلي توزعني آهاته في سواحلي أفتش عني في عمر ممزق متى سوف ألقاني مجازاً بكاملي فحيناً معي أبدو .. وحيناً بمفردي كأني شبيهي أو كأني مماثلي.
بعدها ألقى الشاعر علي الدندن قصيدة قال فيها: وحدي ألملمُ..أشلاءَ الضياع مُدىً.. وكلّ قلبٍ.. إلى سكّينهِ ارتحلا.. حولي كؤوسُ..نهاوندٍ معتّقةٌ..أصغي وأثملُ للتكوين حيثُ تلا..
|
أما عن السفير الشاعر خالد فتح الرحمن، فمن مجموعاته الشعرية : «قصائد ليست للتصفيق»، و«غير هذا البريق.. لك»، و«سيف بلا ذاكرة»، وكتاب «حقائب الرياح»....
من عائلته الشاعران الراحلان عبد الله الشيخ البشير المعروف بشيخ الشعراء السودانيين والشاعر الغنائي المعروف إسماعيل حسن في مدينة عطبرة السودانية بشمال السودان وعاش فترة من الزمن في المدينة المنورة، ودرس في جامعة الملك سعود.. قبل أن يحط رحاله سفيرا لبلاده في الرياض.
يقول الشاعر السفير عن هذه التجربة: «مدينة عطبرة بشمال السودان هي مسقط رأسي، وهي مدينة مثقفة ومنضبطة، حيث يستيقظ الناس فيها على صافرة، فالعمال والموظفون فيها يتناولون الإفطار الصباحي على صافرة، وينتهي الدوام على صافرة، وهذا الانضباط جعلها مدينة متحضرة ومثقفة، ولما كبرت انتقلت إلى الخرطوم، ومن هناك جئت في معيتي والدي إلى المدينة المنورة صبيا، حيث يعمل أستاذا بالجامعة الإسلامية هناك، لمدة تزيد على الـ15 عاما، وهذا سنح لي فرصة أن أدرس المرحلة الثانوية في مدرسة قباء ونلت منها الترتيب الأول في الشهادة الثانوية السعودية في المركز الغربي فانتقلت بعدها إلى جامعة الملك سعود طالبا وصقلتني شاعرا، ثم التحقت بالخارجية السودانية فعدت للرياض سفيرا. فأنا كنت أحاول المزج بين البيئة العربية الإسلامية بوجودها الصافي في السعودية، وما تجسده الثقافة السودانية من خصوصية، حيث التقاء العنصر العربي بالعنصر الأفريقي. ولكنني أزعم أنني أحمل الكثير من تفاصيل جماليات البيئة السعودية بخلاصها العربي الإسلامي والبيئة السودانية بما تحتشد به من ثراء عربي وأفريقي.حين كان طالبا في جامعة الملك سعود بدأت تجربته الشعرية تشق طريقها نحو الجوائز، فحاز على جوائز متعددة من الجامعة، وهو يرى أن هذه الجامعة «رحبة لا وجود للتمييز بين طلابها، إذ كنت شاعر الجامعة على مدى أربعة أعوام متتالية، أحصد خلالها الجائزة بشكل مستمر، لم ألحظ أن أستاذا في الجامعة قال لنقفل هذه الجائزة على هذا السوداني، ما ترك مشاعر طيبة في نفسي". يضيف: «جامعة الملك سعود كانت تورق فيها أكبر المواسم الثقافية في السعودية، وكان هناك شعراء ونقاد كبار مثل الدكتور شكري عياد والدكتور حسن ظاظا ، والدكتور نذير العظمة، بجانب الشعراء والنقاد السعوديين مثل الدكتور منصور الحازمي، والدكتور محمد الهدلق، والدكتور مرزوق بن تمباك، والدكتور عبد الله الغذامي، والدكتور سعد البازعي، وغيرهم ممن كان ضمن روّاد النقد في تلك الفترة.
قصائد ليست للتصفيق، أصدر خالد فتح الرحمن عمر أول دواوينه الشعرية عام 1994 بعنوان «قصائد ليست للتصفيق»،
يقول في خصوص الديوان: «الحقيقة مكمن السر في ديوان (قصائد ليست للتصفيق)، هو الخوف من أن يشغل التصفيق الشاعر عن المعنى الحقيقي، لأننا تعودنا على القصائد المنبرية وبحسب اعتقادي الشخصي أن جزءا من الرقي في القصيدة العربية، أنها تخرج من الثوب المنبري إلى الثوب الفكري، حيث كنت أستشعر هذه المسؤولية حين ألقي القصائد فأتلقى التصفيق الحاد والكبير، فتكامل الإحساس لدي المسؤولية بعدم خداع الجمهور في العنوان، كأنني أتبرأ من أن يكون التصفيق هو مبتغى الشاعر وموئل آماله فهذا هو القصد.
ويقول عن ديوانه الثاني «غير هذا البريق.. لك» :
« هذا الديوان محاولة لتحقيق الرؤية التي انطلق منها الشاعر إلى تحقيق عبر شحذ الفكر والدخول بعمق في عوالم الشعر خروجا عن إيهاب المنبريات، فالديوان الأول كان بمثابة الأسنان اللبنية، حيث إنه في الديوان الثاني تكاملت الرؤية شيئا ما ثم ولجت عالم الكتابة النثرية، في الكتابة الأسبوعية في الصحف تكاملت في جزأين في كتابي (حقائب الرياح.. أسفار في الأدب والتاريخ والدبلوماسية)، وفيه رؤى كثيرة خلال ما دار عبر السنوات العشر الماضية. »
و عن علاقة السياسة بالإبداع يجيب: « نعم كبيرة إذا كانت في إطار الممارسة، ولكن الشاعر يستفيد من الإطار الدبلوماسي في الانفتاح على تجارب متعددة، وكان ذلك جليا في عدد من الدبلوماسيين من الأدباء، فمثلا عندما ذهب الشاعر نزار قباني كدبلوماسي سوري إلى إسبانيا والصين كتب أجمل الشعر، وما كان له أن يكتبه لو لم تقده الدبلوماسية لتلك البقاع، وهو عبر عن ذلك بأنه استفاد من ذلك كثيرا في إنتاجه الشعري، وكذلك الشاعر الكبير عمر أبو ريشة الذي استفاد من وجوده الدبلوماسي في الهند، وخلاصة الأمر أن التجربة الدبلوماسية ترفد بالنضوج والجمال الإبداعي والتجربة المتنافرة أحيانا من ناحية، ومن ناحية أخرى تقصقص أظافر الشاعر، فتغدو أظافره للملامسة اللطيفة، وليست للخدش، والمطلوب من الشاعر أن يكون خداشا بأظافره كما يكون لطيفا في تحاياه التي يمارسها بتلك الأصابع.
.
لعب فتح الرحمن عمر، دورا رئيسا في عودة الروائي السوداني الراحل الطيب صالح لوطنه قبل رحيله، وهو يتحدث عن تلك التجربة بالقول :
« سنوات صداقتي مع الطيب صالح أغلى سنوات الحياة، فهو أحد أرقى بني الإنسان، والذين لا يعرفون شخصيته يظنونه الأديب الكاتب فقط ولكنه أيضا هو النموذج الرائع للإنسان في أرقى لحظات تواصله مع الآخر وبيئته ومجتمعه، وسعدت كثيرا بأنني مهدت لزيارته للخرطوم وقت كانت العاصمة الثقافية وكذلك شاءت الأقدار أنه بعد أن عاد من تلك الرحلة ألمّ به داء الكلى وكنت رفيقا قريبا منه، أحاول التخفيف عنه وذهبت معه إلى دبي لإجراء العملية وبعد العودة للندن مع ثقل الداء عليه، رافقته إلى أن أخذت السماء وديعتها وظل في ذاكرتي لحظة من لحظات الجمال الفارقة في حياتي. »