Sandra Rey
1 day ago
Hala Al Khalifa
2 days ago
أ.د. سمير بشة
المدير العام للتعليم العالي/ الجمهورية التونسية
إنّ الذي يعنينا في سياق تفكيرنا، هو تحوّل الأنتروبولوجيا إلى علم يبحث بطرق ووسائل وآليات منظّمة، من أجل معرفة ثقافات مختلف الشعوب والمجتمعات، والكشف عن مصادر تلك الثقافات، وطبيعة مكوّناتها وملامحها، والعلاقات المتبادلة بين الثقافة والنّظم والأنساق والبنى الاجتماعيّة، دون اعتبار للخلفيّة العنصريّة من منطلق اللغة والدين والتاريخ والانتماء العرقيّ. وبما أنّ الإنسان هو المركز الأساسيّ في الفكر الأنتروبولوجيّ من خلال دراسة حياته في إطار محيطه، فإنّ ما اكتشفه باحث الأنتروبولوجيا من خصائص موسيقيّة داخل الكلّ الثقافيّ والاجتماعيّ، من شأنه أن يناقض جلّ المفاهيم التي أسّستها الموسيقولوجيا في مراحلها الأوليّة. وفي مستوى تلك المعطيات، سنتوخّى منهجيّة نابعة من طبيعة الموضوع، ألا وهي الإضافات التي جاءت بها أنتروبولوجيا الموسيقى إلى الموسيقى خاصّة وأنّ الأنتروبولوجيا عموما تحتاج في مباحثها إلى مجمل العلوم الإنسانيّة من تاريخ وجغرافيا وعلوم ثقافيّة وعلوم اجتماعيّة وعلوم سياسيّة وعلم نفس ولسانيّات وغيرها.
من التحوّلات التي شهدها علم الأنتروبولوجيا، كونه أصبح لا يقتصر على الثقافات التي سمّيت في أول الدراسات بالبدائيّة، بل أصبحت تهتمّ أيضا بالشعوب المسمّاة المتحضرة. وإن كان علم الاجتماع قد اهتمّ بالشعوب "المتحضّرة" والأنتروبولوجيا بالثقافات "البدائيّة"، فإنّ أنتروبولوجيا الموسيقى وجدت نفسها معنيّة بكل المجتمعات والثقافات من خلال البحث العلميّ. إلاّ أنّ دراسة التّفاعل بين الثقافات والموسيقات تفرض علينا الحذر الشديد، وهذا مرده أنّ مفهوم المثاقفة، وإن كان يعني في ظاهره الاندماج والتضافر والاحترام والتسامح والاعتراف بمبادئ الاختلاف، فإنّ تدخّل أطراف إيديولوجيّة وأفكار سياسيّة وخلفيّات دينيّة وتاريخيّة تجعلها تتقاطع في بعض الأحيان مع فكرة التثاقف التي تعني علاقة اللاتكافؤ بين الثقافة المُهَيْمِنة والثقافة المُهَيْمَن عليها.
وبرغم أنّ الموسيقى حاضرة في جميع الثقافات، فإنّ المعلومات المتحصّل عليها من قبل باحثيّ أنتروبولوجيا الموسيقى، لا تؤخذ في الكثير من الحالات بعين الاعتبار إذ تهتمّ في مباحثها بالأنظمة الموسيقيّة والإيقاعات والآلات والإطار الفرجويّ الاحتفاليّ للعمل الموسيقيّ ومظهره المسرحيّ في الإطار الثقافيّ الذي يوجد فيه، مستعينة في ذلك بعلم الآلات وبالمسرح والعلوم الثقافيّة والعلوم الاجتماعيّة وعلم النفس السمعيّ واللغة التي تتكلّم بها المجموعة وانعكاساتها على اللغة الموسيقيّة وبذلك فهي تصبّ اهتماماتها في علاقة الموسيقى بالثقافة التي تكوّنت فيها عبر الأزمان التاريخيّة بناء على ما يحدده التواصل البشريّ.
إضافة إلى ذلك، خلقت أنتروبولوجيا الموسيقى مجالات جديدة في التعامل مع الموسيقات الشعبيّة و"الإثنيّة" من خلال دراسة عروض موسيقيّة تقام خارج إطارها الثقافيّ، كامتزاج آلات موسيقيّة غربيّة كالأورغ والكنترباص والقيتار...، مع آلات تقليديّة كـ"الستار الهنديّ" و"الرباب" بأنواعه و"العود" و"القمبري" و"القوقاي" و"القصبة" و"الفحل"...، وقد مهّدت في البداية إلى هذه المبادرات أعمال "بارتوك" (Bartock) و"كودالي"(Kodaly) و"أورف"(Orff) وغيرهم من الموسيقيّين الذين أعادوا كتابة تلك الموسيقات بالأسلوب الهارمونيّ الأوركستراليّ.
من جهة أخرى، ترى أنتروبولوجيا الموسيقى أنّ الموسيقى لا ترافق المرحلة الامتلاكيّة التي يعيشها الشخص الممتلك، بل تخدم الإطار الصوتيّ والحركيّ. لذلك، فهي لا تعتبرها من كماليّات الطقس، بل من أهمّ العناصر التي تخدم الحدث الطقسيّ وبدونها لا يمكن الحديث عن ممارسة "إثنيّة" حقيقيّة. كما اهتمّت أنتروبولوجيا الموسيقى بمكانة أو وضعيّة الموسيقيّ في حقله الثقافيّ والاجتماعيّ وبكيفيّة تفكيره وممارسته لموسيقاه، وبكيفيّة نظرة المجموعة التي يتعايش معها. كما جعلت أنتروبولوجيا الموسيقى من ضمن انشغالاتها دراسة الأنظمة الموسيقيّة لتلك الموسيقات داخل محيطها الثقافيّ والاجتماعيّ.
ومن المواضيع التي عالجتها أنتروبولوجيا الموسيقى، الاهتمام بمظاهر الاحتفال والاحتفاليّة في إطار الحقل الاجتماعيّ الثقافيّ. وقد اعتبرت هذه الاحتفاليّة أنها مُمَسرحة وتخضع لأنشطة إنسانيّة تعوّد عليها الجميع، وترتكز إلى سياقات ومراحل وأنشطة لها بداية ونهاية، تتكرّر في كلّ حدث ثقافيّ، فتجمع بين الموسيقى والإطار الذي توجد فيه كممارسة فنّية يعبّر من خلالها الإنسان عن وجوده داخل مجتمعه الضيّق، سواء تعلّق الأمر بالطقس في مرحلة الامتلاك أو أثناء الصيد وغيرها من الأنشطة الحياتيّة الأخرى.
ولقد تعرّضت أنتروبولوجيا الموسيقى إلى قيمة المتفرّج في المشاركة في الظاهرة الثقافيّة، واعتبرته أحد الأطراف في مسرحة الإطار والحدث الثقافيّ. وترى أنتروبولوجيا الموسيقى أنّه إذا كانت الفرجة تبدأ بحضور المتفرّج، فإن الفرجويّ لا يهتمّ فقط بذلك الحضور بقدر ما يعطي الأهميّة للعلاقة الحقيقيّة بين صانع الفرجة والمتفرّج. فمنذ العصور القديمة، اعتبرت الألعاب الرياضيّة الخطيرة التي تعرض في المسارح اليونانيّة كالمصارعة مع الحيوانات المفترسة أو الثيران المتوحّشة من الأشكال الفرجويّة، لا لشيء، إلاّ لأنّها تشتمل على مخاطر قد تودي بحياة المشاركين فيها، وقد ينطبق الأمر كذلك على ما نشاهده من ممارسات خطيرة تقوم بها الطرق الصوفيّة في تونس كالعيساويّة على سبيل المثال من خلال رقصة السيّاف أو التعامل مع الأشواك أو أكل التين الشوكيّ واللحوم النيئة...
إضافة إلى كلّ ذلك، اكتشفت أنتروبولوجيا الموسيقى العديد من الآلات الموسيقيّة والفضاءات السمعيّة وأماكن الإنتاج الموسيقيّ التي تُمارس فيها تلك الموسيقات، كأغاني الفلاّحين وأغاني عمّال المناجم وأغاني البحّارة وأغاني الإنشاد الصوفي والذكر والمدائح والنواح وغيرها من التعابير. كما جعلت أنتروبولوجيا الموسيقى للأذن، إلى جانب دورها الطبيعيّ المتمثّل في الاستماع، دورا سمعيّا شرطيّا تحكمه العادة والتقاليد والثقافة ومختلف الأنساق الحياتيّة، فالأذن تتعوّد على طريقة سمع معيّنة، فهي تسمع وتنظر وتلاحظ في نفس الوقت. وهذه الصّفة قد اكتسبها باحث الأنتروبولوجيا من خلال البحوث الميدانيّة التي تعوّد القيام بها.
لقد أسّست أنتروبولوجيا الموسيقى مجالات تفكير غير التي كانت قد أسّستها الموسيقولوجيا التقليدية التي تنطلق من الموسيقى المكتوبة، فهي تنطلق من البحث الميدانيّ من خلال الاستماع والمشاهدة والملاحظة والمساءلة والتدوين والتحليل والتفسير والتأويل والمقارنة والاستنتاج. ولعلّ من أهمّ الأشياء التي أضافتها أنتروبولوجيا الموسيقى إلى الموسيقى، كونها قد جعلت منها ممارسة تتميّز بالاستمراريّة بما أنّها متّصلة بالكلّ الثقافيّ الذي يتميّز هو بذاته بالحركيّة والتغيّر، وتتأتّى تلك الاستمراريّة من خلال السلوك التواصليّ الذي تمتاز به المشافهة الموسيقيّة بين الأشخاص الممارسين للموسيقى.
ومن خلال الفهم الجديد للموسيقى في هذا العلم، قد نجد باحثين تونسيين مهتمّين في أعمالهم بموسيقى اليونان أو المجر أو فرنسا أو الباكستان...، ويستوجب هذا بطبيعة الحال فهم سياق الأنظمة والقيم والعقائد، أي ثقافات تلك الشّعوب ومن بينها الموسيقى التي وجدت فيها، وهذا يحتّم على الباحث أن يعيش لفترة طويلة داخل تلك الأنساق الثقافيّة من أجل فهم لغة شعوبها وديانتها وطريقة أكلها ولباسها وأفراحها ومآتمها وتزاوجها وطباعها وطقوسها الدينيّة والدنيويّة...، وخاصّة البحث في موقع تلك الموسيقى ضمن تلك الأنساق الثقافيّة ذات الصلة. لذلك فإنّ الحصول على أشرطة مسجّلة لكلّ النماذج الموسيقيّة المتعلّقة بالبحث، دون التنقّل إلى ميدان الحدث الموسيقيّ يعدّ عملا غير كاف– رغم قيمة تلك التسجيلات- ، إذ أنّ الميدان في هذا العلم هو البحث في ظاهرة اجتماعيّة ثقافيّة بأكملها، لا يمكن فهمها إلاّ في إطارها الطبيعيّ.
أما من حيث التحليل الموسيقيّ، فقد خلقت أنتروبولوجيا الموسيقى مجالات جديدة في التحليل، حيث ربطتها مع الإطار الثقافيّ والاجتماعيّ، وأعطتها أبعادا دلاليّة من خلال قراءة الأشكال والألوان والحركات والرقصات المصاحبة للموسيقى بالاستعانة بعلم الدلالات. وقد ارتأت أنّه لا يمكن إسقاط نظريّة تحليل الموسيقى الغربيّة على أشكال وأنماط موسيقيّة أخرى، تعيش في إطار ثقافيّ وتخضع إلى سياق تاريخيّ مستقلّ وبعيد كلّ البعد عمّا تمتاز به الموسيقى الغربيّة الكلاسيكيّة. فالتحليل السيميولوجيّ مرتبط بضوابط اجتماعيّة وثقافيّة، وكلّ ظاهرة ثقافيّة تولّد تساؤلات لدى باحث أنتروبولوجيا الموسيقى، وقد انتقلت فكرة التحليل السياقيّ هذه إلى الكثير من محلّلي الأعمال الغربيّة المعاصرة. فالموسيقى في نظر باحث أنتروبولوجيا الموسيقى، هي مجموعة دلالات تواصليّة داخليّة مترابطة، لا يمكن التغافل عنها، وعليه، سقطت فكرة التحليل الموسيقيّ الصّرف الذي عرفت به الموسيقى الغربيّة الكلاسيكيّة نحو تحليل سياقيّ يضع في تصوّره الثقافة والمجتمع والدين والتاريخ وعلم النفس...
لقد كشفت أنتروبولوجيا الموسيقى من خلال بحوثها عن وجود أنماط موسيقيّة عديدة متجاورة في كلّ ثقافة، منها الموسيقات الشعبيّة، الموسيقات الحضريّة، موسيقى "السود"، موسيقى "البيض"، الموسيقى المكتوبة، موسيقى التقاليد الشفويّة، التثاقف الموسيقيّ والمثاقفة الموسيقيّة...، وبذلك أصبحت هذه المفردات أساسيّة وتمثّل حاليّا مفاتيح البحث في أنتروبولوجيا الموسيقى. كما بحثت أنتروبولوجيا الموسيقى في تقنيّات تناقل هذه الموسيقات بين الأشخاص الممارسين لها وغير الممارسين لها، من خلال التعليم التقليديّ الشفويّ الذي يعتمد على التكرار والمحاكاة الدقيقة للأشياء وغيرهما من التقنيّات الأخرى. ولئن سلّمنا بأنّ لكل علم أسلوبا خاصّا ومنهجا متّفقا عليه، فإنّ أنتروبولوجيا الموسيقى تنتهج في طريقتها السياق الفكريّ الذي يحدّده المعطى التاريخيّ والثقافيّ والاجتماعيّ من خلال الكشف الميدانيّ. وإذا اعتبرنا الأمر كذلك، فإنّ دراستنا هذه غير منتهية وتبقى متواصلة تنتظر من يجعلها منطلقا للتفكير من أجل اكتشافات جديدة والوقوف على إضافات أخرى قدّمتها أنتروبولوجيا الموسيقى إلى الموسيقى. بقي علينا أن نؤكّد أنّ أهمّ التحوّلات التي شهدتها أنتروبولوجيا الموسيقى لصالح الموسيقى، تمثّلت في تغيير فكرة القراءات النهائيّة للعمل الموسيقيّ وجعلت من الحدث الثقافيّ المصدر الدائم للتباين والاختلاف، كما أنّها جعلت من الموسيقى المصدر السمعيّ والمشهديّ الفاعل في الحدث الثقافيّ.
من جهة أخرى، عملت أنتروبولوجيا الموسيقى في جوهرها، على مقارنة أوجه الاختلاف والتماثل بين الموسيقات وتحليلها، وعلى اعتبارها منبع التنوّع في الممارسة والأنظمة الموسيقيّة مستعينة في ذلك بكل الاختصاصات العلميّة. إنّ الذي يعنينا في كل هذا، هو الارتباط الوثيق بين أنتروبولوجيا الثقافة وأنتروبولوجيا الموسيقى ودورهما في خلق مجالات تفكير جديدة تخدم الموسيقى والإنسان من خلال التأطير الموسيقي داخل الحقل الثقافيّ.
ومن المعايير الإيتيقية لدى باحث أنتروبولوجيا الموسيقى، الالتزام بالأمانة، وإن اعتبرنا ذلك ممكنا، فإنّ العكس يعدّ خيانة علميّة ومهنيّة قد تضرّ بالاختصاص من جهة، وبالإنسان مركز التفكير الأنتروبولوجيّ من جهة ثانية. ولتحقيق ذلك، يمعن باحث أنتروبولوجيا الموسيقى النّظر في الكثير من الجزئيّات منها: طريقة العزف وطريقة الجلوس وطريقة التعامل مع الفضاء السمعيّ، إلى جانب دراسة الجرس السمعيّ للآلات الموسيقيّة المستعملة وطريقة صنعها ومقاساتها، وتدوين موسيقى الشعوب المعنيّة بالدرس بأساليب متعدّدة ومتنوّعة بالاستعانة بعلوم متفرّعة، مثل الإثنوموسيقولوجيا وعلم الآلات والموسيقولوجيا وعلم الآثار الموسيقيّ وعلم الصوت الموسيقيّ وغيرها من الاختصاصات.
ومن أهمّ الأشياء التي قدّمتها أنتروبولوجيا الموسيقى إلى الموسيقى في هذا الإطار، المحافظة على الرصيد الموسيقيّ من خلال التسجيلات الصوتيّة، ولعلّ ما يقوم به مركز الموسيقى العربيّة والمتوسّطيّة بسيدي بوسعيد بتونس يدخل في هذا السياق. كما أنّ بعض الأعمال والمحاولات التي يقوم بها الطلبة لمعرفة مختلف الأنماط الموسيقيّة الموجودة في تونس من خلال رسائل ختم الدروس، من البوادر الجيّدة التي تنمّ عن دراية ووعي بأهميّة تلك الموسيقات التي تعتمد على النقل والمشافهة من خلال الممارسات الثقافيّة داخل النسق الحياتيّ والاجتماعيّ، فتسعى إلى جمعها وتدوينها وتحليلها في الإطار الثقافيّ.
لقد حقّقت أنتروبولوجيا الموسيقى كذلك نوعا من العدالة الإنسانيّة، فهي تهتمّ بموسيقى الإنسان في مختلف أنحاء العالم دون تمايز أو تفاضل، وتتعامل مع الموسيقى بشكل مستقلّ وتنظر إليها وتحلّلها داخل سياقها الثقافيّ وإيقاعها الحياتيّ. إلاّ أنّه وإن وجدت غايات أخرى مازالت تعتبر أنّ دراسة ثقافة الآخرين وموسيقاهم تدخل في سياسة الهيمنة الثقافيّة والسياسيّة، فإنّ ذلك لا يمكن اعتباره من وجهة نظرنا بأنتروبولوجيا الموسيقى، فهو خارج سياق مقاربتنا ويهمّش قضيّتنا ولا يمكن أن يفيد الموسيقى والإنسان، بل بالعكس، فهو يشكّل اعتداء على العلم والمعرفة وعلى الإنسان في حدّ ذاته.
تلك هي بعض الإضافات التي قدّمتها أنتروبولوجيا الموسيقى إلى الموسيقى، وإن اشتغلنا في هذه المرحلة على تحديد العناصر والآليّات ومدلولاتها والأبعاد النظريّة والتطبيقيّة التي قسّمناها إلى أربعة عناصر كبرى، فإنّ ذلك لن يمنعنا مستقبلا من إعادة النظر فيما تمّ التطرّق إليه، خاصّة فيما يتعلّق بالمناهج المعتمدة في البحث وإشكاليّات التحليل السياقيّ وتقنيّاته وأساليبه.